الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

لا يُعدم الظمآن أي وسيلة



لا يُعدم الظمآن أي وسيلة!
وحيدٌ كقارب معطوب
لا يصلح للإبحار جفّت مساميره

وكقارب للموت في رحلته الأخيرة
حمّلوه بالباحثين عن الحياة
أي حياة
لا يُعدم الظمآن أي وسيلة!

يئنُ المركب
خائفٌ في رحلته الأخيرة
ستنفلق ألواحه
وفي أفضل الأحوال سيصل للشاطىء كبعض سفينة!
ستهربُ الأجساد الشبقة بالحرية
وسيركنونه كأن لم يكنُ يوماً وحده الوسيلة!

ربما سيلحظهُ مصور هاوٍ
وسيُخلده في معرض للصور البديعة
ذلك أقصى ما ستعرضه الحياة لمركب
في رحلته الأخيرة..!

**

بين كُتل اللحم البشري
تجلس "آية"
طفلةٌ أكملت الخامسة
كعمر الثورة
هي أيضاً باحثة عن حياة
أي حياة
لا يُعدم الأطفال أي وسيلة!

هناك "سامر"
كان يملك دار نشر بدمشق
حل عليها ليلٌ لم يحمل أي سكينة
نهبها الجيشُ وأتلفها
خاف سامرٌ، حمل طفلتيه وحبيبته
هرّبهُ راعٍ للغنم عبر الجبال
والتحق بمركب عجوز في رحلته الأخيرة
لا يُعدم الحالمون أي وسيلة!

**

يئن القارب
تتبلل أقدام آية
تلحظ أمها فتُمسك بيد الزوج
ينتفض الرجالُ 
يتصايحون ما الوسيلة!
يُفسحون، ماذا يفسحون ولا طريق!
تتململ الأجساد أمام متعهد المركب
لوحٌ صغير ومسمار واحد..لا مشكلة!
لا يُعدم اللصوص أي وسيلة
هناك فرصة أخرى للمركب المسكين في رحلته الأخيرة..

**

منتصف الليل
نصف حلم
نصف قمر
تتموضع يارا بين ذراعيّ فراس
"هو ذاته القمر في بلادنا يا حبيبي"
"هنا لا يعكر صفوه صوت المُقاتلات يا حبيبتي"
"ولا البراميل يا قمري"
هناك مُتسع لضحكات العاشقيّن
قد تفصلهم عن فراق أبدي لحظات وجيزة
يسرقان قبلة بين الهاربين
لا يُعدم المشتهون أي وسيلة

**

تلوح أضواء كشافات خفر السواحل
يُهلل اليائسون "نجاتنا قريبة"
يُطوق المركب المُثخن بالأحلام المسكوبة
يصعد الفارون لقارب النجاة
يُطلقون النظرات الحزينة
لقارب يهبط للقاع في رحلته الأخيرة

يُساقون لمركز الإيواء
تُعنّون الصحف هذا النصر
تمر الشهور
والأوقات المريرة
بانتظار حياة، أي حياة!
لم يبقَ للظمآن أي وسيلة
لم يكُ أي وسيلة.

 **

27.09.2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق