الثلاثاء، 27 مارس 2012

الجميــلات يا داؤد

. .

( الجميلات يا داؤد )

قبل أيام أرسل لي الصديق حمد الغيثي من بلاد الرايخ الجميلة رسالته (الجميلات يا داؤد) تحمل قصيدة (الجميلات هن الجميلات) لمحمود درويش, وفيها دعوة صادقة منه أن أختار ما أشاء منهن!. درويش هذا الجميل يقول في قصيدته الجميلة:


الجميلات هنَّ الجميلاتُ
"نقش الكمنجات في الخاصرة"
الجميلات هنَّ الضعيفاتُ
"
عرشٌ طفيفٌ بلا ذاكرة"
الجميلات هنَّ القوياتُ
"يأسٌ يضيء ولا يحترق"
الجميلات هنَّ الأميرات ُ
"ربَّاتُ وحيٍِ قلق "
الجميلات هنَّ القريباتُ
"
جاراتُ قوس قزح "
الجميلات هنَّ البعيداتُ
"
مثل أغاني الفرح"
الجميلات هنَّ الفقيراتُ
"
مثل الوصيفات في حضرة الملكة"
الجميلات هنَّ الطويلاتُ
"
خالات نخل السماء"
الجميلات هنَّ القصيراتُ
"
يُشرَبْنَ في كأس ماء"
الجميلات هنَّ الكبيراتُ
"
مانجو مقشرةٌ ونبيذٌ معتق"
الجميلات هنَّ الصغيراتُ
"
وَعْدُ غدٍ وبراعم زنبق"
الجميلات، كلّْ الجميلات، أنت ِ
إذا ما اجتمعن ليخترن لي أنبلَ القاتلات
..
صدقني أيها الصديق أنني أعلم جيداً ما كان يعتمر بداخلك حين أرسلتها لي, فلا زلت أذكر جيداً الــإندروبلي, حين كنا نجتمع  حول الطاولة الخشبية في منزل صديقك تاراكان, والمطر يعزف سيمفونية الجمال من حولنا. أنت تُعد الشاي وأنا أبحث عن ملفات لكاظم الساهر. 
بعد رسالتك الحبيبة أود في المقابل أن أُعرفك على إحدى فتيات درويش الجميلات. تفضل:


بكأس الشراب المرصّع باللازرود
انتظرها،
على بركة الماء حول المساء وزهر الكولونيا
انتظرها،
بصبر الحصان المعدّ لمنحدرات الجبال
انتظرها،
بسبع وسائد محشوة بالسحاب الخفيف
انتظرها،
بنار البخور النسائي ملء المكان
انتظرها،
برائحة الصندل الذكرية حول ظهور الخيول
انتظرها،
ولا تتعجل فإن اقبلت بعد موعدها
فانتظرها،
وإن أقبلت قبل موعدها
فانتظرها،
ولا تُجفل الطير فوق جدائلها
وانتظرها،
لتجلس مرتاحة كالحديقة في أوج زينتها
وانتظرها،
لكي تتنفس هذا الهواء الغريب على قلبها
وانتظرها،
لترفع عن ساقها ثوبها غيمة غيمة
وانتظرها،
وخذها إلى شرفة لترى قمراً غارقاً في الحليب
انتظرها،
وقدم لها الماء، قبل النبيذ، ولا
تتطلع إلى توأمي حجل نائمين على صدرها
وانتظرها،
ومسّ على مهل يدها عندما
تضع الكأس فوق الرخام
كأنك تحمل عنها الندى
وانتظرها،
تحدث اليها كما يتحدث ناي
إلى وتر خائف في الكمان
كـأنكما شاهدان على ما يعد غد لكما
وانتظرها
ولمّع لها ليلها خاتما خاتما
وانتظرها
إلى ان يقول لك الليل:
لم يبق غيركما في الوجود
فخذها، برفق، إلى موتك المشتهى
وانتظرها!...
 . .
حزينٌ يا صديقي أنا الآن. حزينٌ جداً !

..

الأربعاء، 7 مارس 2012

رومانسية

. .


رومانسية
مُحسن وبيتر هما زميلاي في العمل, وكلاهما يتجه فكرياً بعيداً جداً عني. بيتر ليبرالي منفتح للغاية, أما محسن فهو ابن البلد لا تسلم زميلتنا هنادي من تعليقاته اليومية على ملابسها وعلى الطريقة اللطيفة التي تتعامل بها مع باقي الزملاء. فهو يرى بأنها يجب أن تلتزم بالعباة السوداء والشيلة السوداء كذلك, بينما هي تختار الألوان التي يراها مُحسن مثيرة وملفتة لذكورته!.
أنا أُمسك بالجريدة وزميلنا بيتر كان يُعد لنا الشاي الإنجليزي بينما محسن منكب على القهوة والتمر حين بادرتهما بسؤالي عن ماذا تعني لهما الرومانسية؟!. بيتر همهم في البداية لكنه أختار أن أفضل تعبير عن رومانسيته مع زوجته هو عندما عاد من الدوام ذات يومٍ قبلها ليفاجئها بأنه قد قام بإصطحاب الأطفال من المدرسة وسبقها للبيت لإعداد الغداء. أما محسن –وكعادته في الصدق- فكان جوابه:
-الرومانسية هي في المقعد الخلفي للسيارة !.

داؤد الجلنداني
مارس2012
مسقط

أُنثى اللحظات


. .



أيا سيدة تمتد بي من أقصى الذاكرة الى أقصاها..وما امتداد ذاكرتي إلا سراب يحسبه الظمآن ماء!. كسوتني بالكثير من الأسئلة وبالحيرة, وبالكثير الكثير من الخوف!.
حين أزف الغياب..
هنالك انقطع شريط الذاكرة, وما عادت تُسعفني التعاويذ لاسترجاعها ولا الصلاة. استجدي الأيام حفنة من ذاكرتها, لكنها لا تستجيبُ أيتها الندية ! وآآه كم هو مرهق هذا الإستجداء.

يا سيدتي حين أفلتِ..أفلت معك العصافير وتخاصمت الزهور ولم تعد الأوراقُ صديقةً للندى, وإنفلت عقد اللحظات فغدت راحلة كما جاءت ..! ما بقي في الجوار سوى البحر الذي عهدناه يهدر بداخلي, ومراكبُ من أسئلة تنتظر أشرعتها رياح الأجوبة التي ربما كانت تحوم في الجوار, وربما لم يُأذنُ لها أن تهب. ما بقي للآن هو الخوف! نعم يا سيدة الربيع,.لم يبقى سوى الخوف على النى أن تسكبهُ الأوراق فتشربه الأرض الملح! ويعتصرُ البحر ولا صوت لأنينه.

كم تتمناك العيون وكم تخيب الظنون يا سيدتي! ألستِ المتحدرةُ من أطراف الغربة حيثُ الذاكرة الجميلة؟ ألستِ النجمة في سمائي جاءت من البعييييييد, من مجرة لا نعرف اسمها فأصابت أعيننا بضيائها وسلبتنا النور, وحين أفلت غشينا الدامسُ.
يا سيدتي وللحديث شجون..في النفس أمنيةٌ سائحة, وللسماء أكفٌ سابحة, وللعين وللقلب وللجسد رغبات جامحة, وللمغامر في جوف البحر نزوات..وخوف..ورجاء..ويبقى بين كل ذلك..الأمل!

داؤد الجلنداني
مارس 2012
مسقط

الثلاثاء، 6 مارس 2012

مدينةٌ تمنح الهروب



ياه ! كم هو غريب ذلك الحنين الذي يلفه الأنين الى تلك المدن الساكنة في أقصى نقطة سحيقة من قاع الذكريات. تلك الذكريات بنقيضيها, الجميلة والمؤلمة. ما هو الشيء الذي تمنحنا إياه المدن ولا تمنحنا إياه الناس؟!
كيف لمدينة أن تأسر القلوب, وتسلب العقل, ونطير إليها كل ليلة قبل أن تغفو عيوننا! وتسبح أحلامنا على شواطئها, وتمخر عباب سمائها أمانينا؟!. كيف لمدنية أن تشدنا الى خصرها فلا نألف بعدها مدينة ! كيف لمدينة أن تمنحك الهروب الذي تريد؟!
الى المدينة الوحيدة التي تمنحني الهروب الذي أريد, الى برزبن, أي أقدار رمتني فيك يا وطني ومنفاي, بأي عاطفة تحاربيني؟
داؤد الجلنداني
مارس 2012
مسقط

الأحد، 4 مارس 2012

كوب الشاي



-كوب الشاي-

ذلك الصباح كان يشي بأمر ما سيحدث ولا شك, إبتداءاً من الإتصالات التي أيقظتني من نومي في يوم إجازتي. يُصر أحمد على حضوري للمكتب حيث أن هنالك سيدة أبت إلا أن تقابلني تحت مسمى "استشارة خاصة" ولم تجد من بد كل المحامين إلا أنا لكي تنسف أحلامه الجميلة ذلك الصباح!
نهضتُ من سريري بتثاقل, فكعادتي -التي تكرهها أمي- بتُّ ليلتي الفائتة في مشاهدة فريقي المفضل لكرة القدم. لم يكن حمامي بطيئاً –كعادتي ايضاً- هذه المرة, فأمر تلك السيدة كان يشغل بالي, وإصرارها لمقابلتي أنا بالذات حمل في طياته عشرات الأسئلة. قد تكون أم تلك الفتاة التي أرسلتُ لها قُبلة طائرة من نافذة سيارتي ونحن ننتظر عند اشارة المرور !. لا لا لا يمكن ذلك, فتلك الفتاة ابتسمت لي حين فعلتُ فعلتي الخبيثة. حين خرجتُ من الحمام كان هاتف يصرخ برقم غير مألوف بالنسبة لي, قمت بالرد فكانت تلك السيدة أيضاً تحُثني على القدوم سريعاً !
اووووه! لماذا يحدث هذا لي أنا بالذات! نبرة صوتها لا تشي بشيء على الإطلاق! قد يكون أمراً عادياً, ولكن خوف النساء ووسواسهن هو ما يجعلها تُلح هكذا. حين وصلتُ كانت تنتظرني في مكتبي, أنبتُ أحمد على سماحه لها بدخوله حيث أنني لا أسمح لأحد بذلك لسرية الملفات التي تفترش طاولتي والأدراج.
دخلتُ ورحبتُ بها عارضاً عليها شرب الشاي معي, فما كان منها إلا أن وافقت  شرط أن أشرب الشاي في الكوب الذي أحضرته معها ! سيدة تحمل كوب الشاي في حقيبتها ! سرٌ آخر من أسرار تلك الحقيبة العجيبة التي نتفنن نحن الشباب في تخمين محتوياتها.
-كيف أستطيع مساعدتك سيدتي؟
-ما الذي تُحبه في الفتاة!
-هل هذا ما جئتني لأجله!!؟
-ليس هذا فقط. أجبني من فضلك
-حسناً..جميلة, مثقفة, عصرية, استثنائية, و...
-توقف! هذه هي الكلمة..استثنائية! هذا ما جئتك لأجله! وردت هذه الكلمة في مدونتك كثيراً ! جداً ! أنا استثنائيةٌ أكثر مما تحلم.
اخرجت بطاقة الأعمال ورمتها على مكتبي ورحلت! أخرجتُ نفسي من خلف طاولتي وأسرعتُ وراءها
-سيدتي.. كوب الشاي هذا يخصك !
-إنهُ لك. سترتشفني كل صباح أيها المتحاذق!

-داؤد الجلنداني-
مارس 2012
مسقط