الخميس، 19 أغسطس 2010

أوتار العود والقانون وعصى الموسيقار


حبيبة قلبي ..

يا مطر الشتاء وتوت الربيع..يا ثمار الصيف ونسائم الخريف..يا سنين العمر من طراوة الطفولة الى عجز المشيب..أيتها الأعمق الأقدم من الخرافات والأساطير..أيتها الحاضرة لأبعد المجرات وأفق الفضاء..يا ياسمينة عمري فوًاحة بعطرها الخمري وعبيره.

تلفني مساحاتُ الإشتياقِ الى ايامنا المعتقةِ بشذى ابتسامتكُ الملائكية، وصدى الحروف يصفق بجدران قلبي، ويداك كـ عصى الموسيقار تُأرجحُ أنغام الآلات كيف تشاء وتشتهي ، فتطرب عيني لمرئ أصابعُكِ وهي تنقر على طاولة الإنتظار ، وتعمل يداي كمسندتين لرأسي خشية السقوط دهشة وذهولاً .. ولهاً وهياماً .. شوقاً ورجاءً .. فلا يحتمل عقلي إغراء أصابعك المخملية وأنا ذو القلب الضعيف .. وتعلمين !

يا حاضرة ممالك الشرق ومدن الإغريق والريف اللندني يا عاصمة النور والموسيقى .. لا يوتَرني شيءٌ كما تفعل أصابعُ يدُكِ ! إنها تنهش قلبي، تمخره عرضا وطولاً، تمدده وتكمشه، كما تفعل الموسيقى بمشاعر البشر، ترفعهم لأقصى سماء طرباً وتهوي بهم لأدنى أرض شجناً، تُأرجهم ، تُسكرهم وهم ثملى بها، إنها سر القلوب وسيجارة العشاق وقهوة الأدباء وأنا موسيقاي أصابعك. إنها أوتار العود والقانون والكمان، تسحر الأذن لصوت عزفها، وتُبهر العين لتناسقها، وتذهل لملمسها يداي. أنتِ عذاب قلبي وموسيقار قلبي ويداك عصاك، توجهين جهاتي أين شئتِ! وأنا لا أملك إلا أن أوجهني شطر أصابعك فــ أنا أعشق الموسيقى !.

19-8-2010
.
.

الاثنين، 16 أغسطس 2010

الراحل الكبير



اذا ما اتى يوم يفرق بيننا.............. بموت فكن انت الذي تتأخر

غازي
.
.
.




وفي الليلة الظلماء يفتقد غازي



قبل ساعات كنت أتحدث مع أحدهم عن أمر توقفي عن الكتابة منذ وقت يقارب السنة وعن الجمود الذي يكتنف روحي فلا يحركها شيء على الإطلاق مهما بلغ من العنفوان والقوة. أنا أرده لبعض الأشياء التي تشغلني في الفترة الحالية، الى جانب مشكلتي الأزلية في البدايات. حقيقة لا أخفي خوفي من هذا الأمر، فالبرود التام في التعاطي مع الأحداث جعلت الأفكار تتصارع في عقلي عن ماهيته وهل هو أمر نفسي أو مرض عضوي، وكان أشد ما أخافني أن يكون هذا ديدني في القادم من الأيام. صعبٌ جداً أن تتقن شيئاً ما ثم يحدث ما يمنعك من الاستمرار فيه، فتشعر بأنك مسجون ومكبل اليدين ولا حيلة لك في منعه. كل هذا يدحرج كرة صغيرة من أعلى الجبل وتستمر في التعاظم وأنت تنتظر لحظة الإصطدام إلا أنها تظل تكبر وتكبر وتكبر، مضيقة الخناق عليك في كل شيء ! لا تهنأ بـ شيء على الإطلاق.

لا أعرف كيف أعبر عما بداخلي وكلما بدأتُ ضاعت الكلمات وانفلت خيط الأفكار مني. كلما جئت لأعبر عن شيء ما حصرته في جملة أو جملتين مع أنني أشعر أن بداخلي قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت لكن ذلك لا يحدث ! ولم يحدث منذ فترة طويلة. اليوم على سبيل المثال فوجئت بخبر وفاة العزيزغازي القصيبي. الله وحده يعلم ما بداخلي تجاه هذا الشخص من حب واحترام وتقدير. ردة فعلي كانت مغايرة لما كنت أشعر بداخلي. كنت أبكي لكنني لا أذرف دمعاً ولا يكاد يبدو لمن يراني أن بي شيء ما . كل ما فعلته هو أنني إكتفيت بإرسال خبر وفاته لعدد من الأصدقاء. جاءت وفاته مباغتة فلم أكن أعلم بأمر مرضه من قبل. أحببته منذ بدايتي مع شقة الحرية ومن ثم نهمي الشديد بباقي مؤلفاته وسيرته الذاتية المشرفة. يدهشني هذا الغازي ! هذا الرجل مثال للتفاني والإخلاص والعزم والإرادة والفكر السليم وإتقان العمل. ناجحٌ في كل شيء، قلبه على وطنه وأبناء أمته، يعطي أكثر مما يأخذ ولآخر لحظة في عمره كان متفائلاً بحسب ما ذكر سلمان العودة اليوم متحدثاً عن لقائه به قبل أيام. ولا أعلم ما سر افراج السلطات السعودية عن مؤلفاته قبل اسبوعين فقط من وفاته، وهل هذا طلبٌ أخير منه ام أنهم كانوا يتنبؤون بموته، مع أنه قدم للسعودية وللوطن الكبير ما يعجز عن تقديمه المئات وأكثر. لذا يستحق منا أن يكون حاضراً في مكتباتنا اسم غازي القصيبي، وأن نورث معرفتنا به للقادم من الأجيال. أسأل الله أن يتغمد روحه في واسع رحمته وأن يثيبه كل الاحسان على ما قدمه للإنسانية.
وداعا أيها الصبح ...