الاثنين، 16 أغسطس 2010

وفي الليلة الظلماء يفتقد غازي



قبل ساعات كنت أتحدث مع أحدهم عن أمر توقفي عن الكتابة منذ وقت يقارب السنة وعن الجمود الذي يكتنف روحي فلا يحركها شيء على الإطلاق مهما بلغ من العنفوان والقوة. أنا أرده لبعض الأشياء التي تشغلني في الفترة الحالية، الى جانب مشكلتي الأزلية في البدايات. حقيقة لا أخفي خوفي من هذا الأمر، فالبرود التام في التعاطي مع الأحداث جعلت الأفكار تتصارع في عقلي عن ماهيته وهل هو أمر نفسي أو مرض عضوي، وكان أشد ما أخافني أن يكون هذا ديدني في القادم من الأيام. صعبٌ جداً أن تتقن شيئاً ما ثم يحدث ما يمنعك من الاستمرار فيه، فتشعر بأنك مسجون ومكبل اليدين ولا حيلة لك في منعه. كل هذا يدحرج كرة صغيرة من أعلى الجبل وتستمر في التعاظم وأنت تنتظر لحظة الإصطدام إلا أنها تظل تكبر وتكبر وتكبر، مضيقة الخناق عليك في كل شيء ! لا تهنأ بـ شيء على الإطلاق.

لا أعرف كيف أعبر عما بداخلي وكلما بدأتُ ضاعت الكلمات وانفلت خيط الأفكار مني. كلما جئت لأعبر عن شيء ما حصرته في جملة أو جملتين مع أنني أشعر أن بداخلي قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت لكن ذلك لا يحدث ! ولم يحدث منذ فترة طويلة. اليوم على سبيل المثال فوجئت بخبر وفاة العزيزغازي القصيبي. الله وحده يعلم ما بداخلي تجاه هذا الشخص من حب واحترام وتقدير. ردة فعلي كانت مغايرة لما كنت أشعر بداخلي. كنت أبكي لكنني لا أذرف دمعاً ولا يكاد يبدو لمن يراني أن بي شيء ما . كل ما فعلته هو أنني إكتفيت بإرسال خبر وفاته لعدد من الأصدقاء. جاءت وفاته مباغتة فلم أكن أعلم بأمر مرضه من قبل. أحببته منذ بدايتي مع شقة الحرية ومن ثم نهمي الشديد بباقي مؤلفاته وسيرته الذاتية المشرفة. يدهشني هذا الغازي ! هذا الرجل مثال للتفاني والإخلاص والعزم والإرادة والفكر السليم وإتقان العمل. ناجحٌ في كل شيء، قلبه على وطنه وأبناء أمته، يعطي أكثر مما يأخذ ولآخر لحظة في عمره كان متفائلاً بحسب ما ذكر سلمان العودة اليوم متحدثاً عن لقائه به قبل أيام. ولا أعلم ما سر افراج السلطات السعودية عن مؤلفاته قبل اسبوعين فقط من وفاته، وهل هذا طلبٌ أخير منه ام أنهم كانوا يتنبؤون بموته، مع أنه قدم للسعودية وللوطن الكبير ما يعجز عن تقديمه المئات وأكثر. لذا يستحق منا أن يكون حاضراً في مكتباتنا اسم غازي القصيبي، وأن نورث معرفتنا به للقادم من الأجيال. أسأل الله أن يتغمد روحه في واسع رحمته وأن يثيبه كل الاحسان على ما قدمه للإنسانية.
وداعا أيها الصبح ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق