الاثنين، 10 أغسطس 2015

عُزلة



هل يجدر بي إعتزال العالم، لأن كل ما يحدث في الخارج لا يُطاق مع حقيقة غيابكِ. أمر على الركن الذي إلتقيتكِ فيه مرة فأرانا نتلصص على بعضنا من بين العيون الشاردة والأخرى المتصيدة لنظرات العاشقين، هناك على أحد الرفوف أصص للزهور مصنوعة من الخزف، كنت قد إخترت إحداها لنزرعها وردً، وعلى رفٍ قريبٍ هناك صحن من الفخار ليوضع فيه الماء للطيور. تخيلتنا مراراً نضعه على شرفة البيت تشرب منه الأكباد الرطبة

أراكِ في كل التفاصيل هنا، في ضحكات الصغار وهمس الفتيات وهن يتناقلن الشاشات الصغيرة. وجدتكِ في قصة الفيلم الذي لم أكمله لإختناقي بالذكريات وبالألم الذي يمتد من كتفي الى يسار صدري فيمنعني من التنفس. أترك القاعة واجلس في ركن المطاعم، كم مرة خَطت أقدامك على هذا البلاط الجامد؟ من كان برفقتك؟ وكم مرة حملتِني في صدرك على شكل ابتسامة كلما ارتعش قلبك وأنتِ تتخيلين قرب لقاؤنا؟ كم مرة علي أن أموت خلف هذه الطاولة لأرانا طيفين يُمشطان الزوايا والأمكنة في منتهى العذوبة؟ ما أجملنا !

نظرات الحبيبين في محل الآيسكريم تنغرس كمدية في ذاكرتي وكالشوك في عينيّ. ماذا جرى وكيف تسلل هذا الجبل الذي يكبس على قلبينا؟
كنت في لحظات الحب العميق وأنتِ قريبة مني أتخيل وحدتك في غيابي، ماذا سيحل بها لو مِتُ قبلها؟ فتستحيل لحظتي تلك إلى السواد الذي يُعميني وأنا أراكِ وحيدة مستوحشة بينما أقف بعيداً لا حول لي.
يقفز سؤالٌ آخر، ماذا لو ماتت قبلي؟ وقتها لم أكن لأتخيل اللوعة التي ستصيبني والألم الذي يمسك بيديه الغليضتين قلبي المرهف حباً فيرميني للوحشة وللصمت القاتل. أطردُ كل الأسئلة وكل الأجوبة لحقيقة واحدة آمنت بها، فالله الذي يعلم وحده بأسرار القلوب لن يسمح بأن يُثكلَ قلبينا

لطالما تجاهلت الحقيقة التي لم أكن لأصدقها، ماذا لو جاء الصباح بدونك؟ كنتُ مأخوذاً بحقيقة أعظم، "سأبقى أحبكَ للأبد". اليوم فقط أملك الإجابة. هل كان عليّ أن أخوض كل هذه الصحراء لأدرك حقيقة أن الشمس حارقة؟ أن ما من أحد، لا أحد، سيبقى يحبك للأبد! وبالأحرى لن يبقى معك.

9-8-2015
11:13 pm
مسقط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق