الخميس، 17 سبتمبر 2009

قراءة في رواية : الحب في زمن الكوليرا



إنتهيت من قراءة رواية ( الحب في زمن الكوليرا ) للكاتب العظيم جابرييل جارسيا ماركيز . أنهيتها وبي الكثير من الأسى ليقيني أنني سأصحو في الغد وقد فارقتُ الجو البديع الذي استطاع ماركيز أن يُدخلني فيه ، وإنني أدعوكم جميعاً للقراءة لهذا الكاتب الفذ فهو بحق يستحق تلك المكانة التي وصل إليها بين الكُتّاب العالميين . قرأت له سابقاً روايته الأشهر مائة عام من العزلة والتي من عنوانها تجعلك تتشوق لقراءتها ، وأنا بصدد الحصول على باقي أعماله ( ليس للكولونيل من يكاتبه ، خريف البطريرك ، قصةُ موت معلن ، في ساعة نحس ... الخ )شكراً لمن أحضر لي الرواية وتكفل بذلك من مصر ، وشكراً لمن شاركني الرواية وترك قصاصة الورق الصغيرة التي شاركتني كل لحظات الحب في زمن الكوليرا .

الى القراءة :
أدهشتني هذه الرواية كثيراً بداية من عنوانها اللافت للنظر والذي لا يدع لك فرصة لتجاهله على الإطلاق . فالكاتب هنا يتحدث عن الحب في زمن مرض الكوليرا ، وكما هو معروف فهو مرض قاتل إذ لا علاج له في ذلك الزمن ونحن هنا نتحدث عن القرن الثامن عشر حيث تدور أحداث الرواية . العنوان يجعل القارئ في شوق لمعرفة ما يميز هذا الحب في فترة المرض وفي الوقت الذي من المفترض بديهياً أن يشتغل أُناسه بالهروب من مناطق الوباء وبالبحث عن دواء له .طريقة السرد متقنة جداً وتتشعب بطريقة أكثر إتقاناً ، حيث تبدء من فترة زواج الدكتور خوفينال أوربينو بـ فيرمينا داثا ، ويمضي الكاتب بسرد الأحداث بطريقة الفلاش باك. بداية بحدث ثانوي وهو انتحار أحد الأشخاص وحضور الدكتور خوفينال لمعاينة حالة الإنتحار، فيظنه القارئ لوهلة أنه الخيط الذي عليه الإمساك به لإكمال الرواية في حين أنه حدث ثانوي ، ومن ثم وفاة الدكتور أوربينو في نفس اليوم . يعود الراوي بذاكرة الشخوص لنصف قرن في الوقت الذي كان فيه بطل الرواية فلورينتينو أريثا المراهق العاشق في علاقة حب مع فيرمينا داثا . المفارقة المدهشة أن علاقة الحب والتي استمرت قرابة الثلاث سنوات تنتهي بقرار فردي مباغت من فيرمينا حين اقترب منها فلورينتينو وهي تتسوق ذات يوم ، فيذهلها طيفه الخالي من أية ملامح قد تُعجب فتاة كهي. تمضي الأحداث ويغوص بك الكاتب الى أعماق التحولات التي طرأت في منطقة الكاريبي ، والتغيرات التي طرأت على حياة الإثنين فلورينتينو وفيرمينا . ففي الوقت الذي كان فيه البطل يصارع ويكابد للحفاظ على عهده بإسترداد الحب كانت البطلة في عمق زواجها السعيد ظاهرياً بالدكتور الشهير من العائلة المعروفة خوفينال أوربينو .لستُ هنا بصدد شرح احداث الرواية لكنني أُقدم صورة مبسطة عنها للقارئ ويبقى عليه أن يبحث عن الرواية ويقراءها بنفسه فهي تستحق ذلك فعلاً . وبشكل عام فإن الرواية قدمت صورة عامة عن الحياة في منطقة الكاريبي ، وللتطورات في الجوانب الإجتماعية والإقتصادية والسياسية الى حد ما ، الى جانب الأبعاد الإنسانية التي تمتلئ بها الرواية .

قد لا تبدو الرواية في البداية بتلك المتعة لكنه مع تقدم الأحداث ، والغوص في الأوراق ستأخذك بعيداً عن العالم المحيط بك ، وذلك يعود لقدرة الكاتب الفذة في وصف الواقع ونقله بصورة مشوقة للقارئ بعيداً عن أي تكلف واصطناع . جابرييل قدم صورة ممتازة عن الأدب اللاتيني ، ولا أُبالغ إن قلت أنه فتح بروايته الشهيرة مائة عام من العزلة نافذة واسعة من العالم على أدب أميركا اللاتينية ، لكنه بروايته الحب في زمن الكوليرا قد شرّع الأبواب كُلها . هذه الرواية قادمة من طرق أخرى !
جدير بالذكر أن الرواية قد تم تحويلها الى فيلم سينمائي لاقى قبولاً واسعاً كما كان قبول الرواية .

هنا بعض المقتطفات التي اعجبتني واحتفظت برقم الصفحة حينها حتى أعود إليها ..

( ... والأمر الثاني هو عثوره على عبارة كان يعتقد أنها من بنات أفكاره ، وجد أن أباه قد دونها في دفتره قبل أن يولد هو بكثير : ما يؤلمني في الموت هو ألا أموت حباً . ) ص 218

( ... ومنذ تلك الليلة ، تبددت دون مرارة أية ظلال قد تكون بينهما ، وفهم فلورينتينو اريثا أخيراً أنه يستطيع أن يكون صديقاً لامرأة دون أن يُضاجعها ) ص 242

- على لسان فلورينتينو :( ... لسنا نحن معشر الرجال سوى عبيد مساكين للوهم . أما حين تقرر امرأة مضاجعة أحد الرجال ، فليس هناك من حاجز إلا وتجتازه ، ولا حصن إلا وتحطمه ، ولا اعتبار أخلاقي إلا وتكون مستعدة لخرقه من أساسه : وليس ثمة رب ينفع ) ص 421

- ختام الرواية جاء مبعثاً على التفكير العميق :
( ... الى متى تظن بأننا سنستطيع الاستمرار في هذا الذهاب والإياب الملعون ؟كان الجواب جاهزاً لدى فلورينتينو اريثا منذ ثلاث وخمسين سنة وستة شهور وأحد عشر يوماً بلياليها . فقال :- مدى الحياة . ) ص 445
نظرة شخصية /
هذه الرواية جعلتني أشعر أن علينا إنتهاز كل لحظات الحب وأن لا نضيعها في أي شيء سوى الحب . جعلتني أخشى الشيخوخة كثيراً وأنا على أعتاب الرابعة والعشرين من العمر بنهاية هذا العام !
لكم الحب
/
\

هناك 6 تعليقات:

  1. داوود صديقي

    اشتقت لك حقا... ليتنا نلتقي قريبا

    عزيزي... شوقتني لـ قراءة الرواية... أتمنى أن يحالفني الحظ وأجدها... فـ حتما سيعتريني السرور لـ قراءتها ~_^

    محبتي

    إبراهيم

    عذب احساس

    ردحذف
  2. القريب من ضلع أيسر .. عذب احساس

    ابراهيم

    أي مفاجأة هي ! سعيدٌ أنك هنا عزيزي ..
    عليك بهذه الرواية يا صديقي ، ستمتعك كثيراً ..
    لك ولجميع الرفاق في العاشق كل الحب والتحايا

    ردحذف
  3. حابة جدا اقرأ هذه الرواية فانا احب القراء واحب الكتب الورقية فيها احساس اكثر

    ردحذف
  4. انا متشوقة الى قرائتها...اتمنى هن يحالفنى الحض و اجدها...انا مهتمة بالمطالعة كثيرا.

    ردحذف
  5. شكراً كتبت روايه باسمي

    ردحذف
  6. نعم الروايه كذلك ويمكن قراءة بحث مقارن عن صورة المجتمع فيها وصورة المجتمع فى تلك الرائحه على صفحة ثوريون من اجل انماء/فيس بوك

    ردحذف